ثانيًا: بواعث التنافس الدولي على المعادن
الولايات المتحدة الأمريكية والصين
منذ بداية الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، يبدو المشهد وكأن واشنطن تواصل الهجوم، بينما تفضل بكين التمترس الدفاعي، وتتبنى استراتيجية رد الفعل وعدم المبادرة بالهجوم، لكن السنوات الماضية شهدت تحركات صينية، فسرها مراقبون بأن الرئيس الصيني شي جين بينج يبعث من خلالها برسائل للولايات المتحدة الأمريكية، بأن بلاده لن يمكنها مواصلة سياسة الدفاع للأبد، وأن التنين الصيني يمكنه مهاجمة الولايات المتحدة الأمريكية، وإيقاع خسائر ضخمة في صناعاته الحيوية تدفعه للتفكير في جدوى سياسته الهجومية، وتمثلت تلك التطورات في زيارة الرئيس الصيني منشآت تعدين وتجهيز لمعادن الأرض النادرة في عام 2019م، ما زاد التكهنات بأن بكين قد ترفع من أسعار تلك المعادن وتجعلها أغلى سعرًا، عبر تقييد تصديرها للخارج إذا استمرت الحرب التجارية، حيث ارتفعت أسهم الشركات الصينية العاملة في مجال تعدين المعادن النادرة بنسبة 10%، باعتبارها مؤشرًا على أن الصين ربما تقيد تصدير المعادن الأرضية النادرة إلى الولايات المتحدة مع تصاعد النزاع التجاري بين البلدين، التي تعد حيوية لعديد من الصناعات الأمريكية.(10)
الاتحاد الأوروبي
سعى الاتحاد الأوروبي لتحقيق أهداف طموحة بالنسبة للطاقة الخضراء عبر استبدال جميع واردات الغاز الروسي بموجب خطة الطاقة – بعد الحرب الروسية – البالغة تكلفتها (200) مليار يورو، مما يرفع هدف الطاقة المتجددة إلى 45% من إجمالي إمدادات الطاقة بحلول عام 2030م، كما سيتم تسريع تصاريح التخطيط لتنتهي خلال عام واحد بدل الانتظار (7) أو (8) سنوات، وعلى مدى السنوات الثماني المقبلة، تهدف أوروبا إلى مضاعفة إنتاج الطاقة الشمسية إلى (600) غيغاواط، معظمها على أسطح المنازل، ومضاعفة إنتاج طاقة الرياح إلى (480) غيغاواط، بالإضافة إلى إنتاج (30) مليون سيارة كهربائية.(11)
وبالتالي، يتطلب كل هذا كمية هائلة من المعادن المهمة وسلسلة إمداد عالمية معقدة تتجاوز بالكامل تقريبًا النطاق الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي، وعليه فعل ذلك بينما هو في منافسة مع الصين التي تعمل على إمداد اقتصادها بالكهرباء بوتيرة أسرع. حيث إن اللغز يكمن في المكان الذي سيجد فيه العالم هذه الكميات من النحاس لتعزيز عملية االكهربةب، وقد تفطنت أوروبا متأخرة جدًا إلى السباق العالمي على المواد الحيوية، وستجد نفسها في أسفل الترتيب مع تضاؤل العرض.(12)
وعلى الرغم من أن الاتحاد الأوروبي يحاول إطلاق خطط كبيرة وإنشاء جميع أنواع التحالفات، فإنه يكافح لتحقيق أهداف صفقتها الخضراء، فقد شبه البعض ميل أوروبا الجديد إلى الشراء الجماعي للإمدادات – اللقاحات أولًا، ثم الغاز الطبيعي، والآن المعادن – بالمركزية السوفيتية للاقتصاد، وكل ذلك تحت اسم الكفاءة العقلانية، وقد يتغلب ذلك على متوسط السعر، ولكن من الممكن أن يغفل الاتحاد الأوروبي بسهولة عن الضرورة الرئيسة في هذه العملية، وهي أن هذه الاستجابة السريعة تنطوي على مخاطر.(13)
وكانت النتيجة أن رسمت أوروبا استراتيجية خاصة بها لضمان وصول موثوق وبدون عوائق إلى المواد الخام، وارتكزت هذه الاستراتيجية على ثلاثة نقاط: ضمان الاستيراد المستدام للمواد الخام من الأسواق العالمية. ضمان الإنتاج المستدام للمواد الخام من داخل الاتحاد الأوروبي. إعادة التدوير والاستخدام. ومن أجل تحقيق تلك الأهداف، أسس الاتحاد الأوروبي مشروع (EURARE) أو الندرة الأوروبية، بهدف وضع الأساس لتطوير صناعة تنقيب وتنقية العناصر الأرضية النادرة في القارة العجوز، بطريقة مستدامة ومجدية اقتصادياً وصديقة للبيئة، كما تأسست شبكة الخبرة الأوروبية للعناصر الأرضية النادرة (ERECON) وهم مجموعة من الخبراء كلفهم الاتحاد الأوروبي بوضع دراسات وخطط عن العقبات التي قد تكتنف وصول العناصر الأرضية النادرة إلي الاتحاد الأوروبي، وتحديد أهم المناطق الأوروبية الصالحة لاستغلالها في تلك الصناعة، والتحديات التي تواجه كل ذلك.(14)
روسيا
بدأت روسيا في إظهار اهتمام محدود بإفريقيا وبحلول عام 2014م نهجت نهجًا مغايرًا لزيادة نفوذها، نتيجة العقوبات الاقتصادية من القوى الغربية في أعقاب ضمِّها لشبه جزيرة القرم، فقررت غزو أسواق جديدة، لتنويع أصولها الاقتصادية وتلبية احتياجاتها، فقد أشار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين – الذي يسعى لإعادة صياغة النظام الدولي: اإنه ليس من قبيل الصدفة اتجاهنا نحو إفريقيا؛ فقد أصبحت بشكل متزايد قارة للفرص، وتمتلك موارد هائلة وجاذبية اقتصادية محتملة لمنتجاتناب.(15)
وبالتالي، فإن مقاربة روسيا هي جيوسياسية أساسًا، ثم اقتصادية؛ إذ تحرص على نسج علاقات مع القوى الإفريقية التي في خلاف مع الغرب. حيث اقتربت روسيا من الرئيس الزيمبابوي روبيرت موغابي، في الوقت الذي تخضع فيه زيمبابوي لعقوبات اقتصادية من الغرب بعد مزاعم أن نظامه مسؤول عن أعمال عنف وتعذيب لخصومه. فوقفت روسيا – إلى جانب الصين – مع زيمبابوي، واستخدمتا حق النقض ضد قرار مجلس الأمن بشأن حظر الأسلحة عام 2008م، منتقدتين العقوبات الغربية تجاه زيمبابوي. ولاحقًا تطورت العلاقات إلى اقتصادية، حيث استأنفت روسيا تصدير عدد من المواد والسلع الجاهزة إلى البلاد، وتستورد روسيا من زيمبابوي البن والتبغ. كما زاحم الروس الشركات البريطانية في مشاريع تعدين الماس والذهب في البلاد؛ حيث تقاسم الشركات الروسية زيمبابوي، مشروعًا مشتركًا باسم (Darwendale) لتعدين وصهر أحد أكبر رواسب معادن البلاتين في العالم(16).ووفقًا لدراسة أجرتها الخبيرة ناتاليا بوغايوفا وآخرون، لمعهد الدراسات الحربية (ISW)، فإن شركة تعدين الماس الروسية (Alrosa) تعمل على مناجم إفريقيا الوسطى خلفًا لفرنسا، كما تعمل أيضًا شركة الذهب الروسية (Nordgold)، وشركة ألومنيوم الروسية (Rusal) وشركة (Nornickel) على توسيع نطاق الأنشطة في تعدين الكولتان والكوبالت والذهب والماس في جميع أنحاء القارة. وتفيد الدراسة بأن شركة (Ferrum Mining) الروسية المرتبطة بحكومة الكرملين اشترت 70% من حصة شركة (Kraoma Mining S.A) التابعة لحكومة مدغشقر،(17) ومن الواضح أن منافسة الغرب في سباق المعادن تتماشى مع الرؤية الجيوسياسية الروسية، فلا يقتصر اهتمامها المتزايد بالقارة على الأسباب الاقتصادية فحسب، بل تشمل أسباباً سياسية واستراتيجية بالمقام الأول؛ إذ تعتبر إفريقيا شريكًا محتملًا رئيسًا في رؤيتها لنظام عالمي متعدد الأقطاب.
اليابان:
في عام 2010م، قطعت بكين فجأة جميع صادرات المعادن النادرة إلى اليابان؛ بسبب نزاع مع سفينة صيد، حيث كانت طوكيو تعتمد بالكامل على الصين فيما يتعلق بالمعادن الحيوية، وقد أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار المعادن النادرة العالمية قبل أن تنهار مع انفجار فقاعة المضاربة، وأجبرت اليابان على إعادة التفكير في سياسة المواد الخام المهمة؛ فبعد عقد من الزمان، قللت اليابان بشكل كبير من اعتمادها على الصين في توريد المعادن النادرة، وتواصِل تنويع سلسلة التوريد الخاصة بها من خلال الاستثمار في جميع أنحاء العالم.(18)
ووضعت اليابان استراتيجية تعتمد على الاستثمار في شركات المعادن النادرة والشراكة معها في جميع أنحاء العالم، وكانت هذه الاستراتيجية ناجحة إلى حد كبير؛ حيث خفضت اليابان إمدادات المعادن النادرة من الصين بأكثر من 90% من الواردات إلى 58% في غضون عقد من الزمن (من 2010- 2020)، ووفقًا لقاعدة البيانات الإحصائية لتجارة السلع الأساسية، تهدف اليابان إلى خفض ذلك إلى أقل من 50% بحلول عام 2025م، من المقرر أن تزيد اليابان تمويلها لاستكشاف المعادن الأرضية النادرة، حيث يتم التركيز على رفع الحد الأقصى الحالي البالغ 50%، وهي نسبة تمويل الدولة لمشروعات استكشاف الموارد؛ مما قد يخفف العبء المالي للقطاع الخاص في مشروعات التعدين، المحفوفة بالمخاطر بطبيعتها.(19)
ويشير خبراء الصناعة إلى أن مثال اليابان يوضح أهمية الاستثمار المستهدف -بقيادة الدولة- في قطاع المعادن النادرة، فمن خلال هذه الاستراتيجية يمكن لليابان توجيه أموال حكومية كبيرة لدعم مشروعات التعدين المختلفة، وقد استثمرت اليابان (250) مليون دولار في شركة ليناس الأسترالية في عام 2011م، مقابل إمداد ثابت من العناصر الأرضية النادرة، وتمت إعادة هيكلة شروط القرض في عام 2016م، لحماية المتعثرة من الانهيار، وأعيدت هيكلة تلك الشروط مرة أخرى في عام 2019م؛ لضمان حصول اليابان على اأولوية العرضب للمعادن النادرة حتى عام 2038م.(20)
كما قامت اليابان، وفقًا لهذه الاستراتيجية، بتعميق الاستثمارات في مشروع مشترك مع شركة (Namibia Critical Metals)، ومقرها كندا، للمساهمة في مشروع الوفدالب لتعدين المعادن النادرة في ناميبيا، وقد استثمرت بالفعل الملايين لتمويل الاستكشاف والتطوير في المشروع، وهي مستعدة لضخ (10) ملايين دولار أخرى في المشروع، حيث إن مشروع الوفدالب له أهمية خاصة، لأنه غني بالمعادن النادرة الثقيلة.(21)
ثالثًا: جغرافيا التنافس الدولي على المعادن الاستراتيجية
إن السباق الراهن يُجسد المراحل الأولى لنقطة تحول في ديناميات القوى في السياسة الدولية. ووفقًا لتحول القوى، ثمة أربعة أصنافٍ من الدول في النسق الدولي:(22)
1. قوى مهيمنة، راضية بالوضع الراهن وتفضِّل بقاءه والحفاظ عليه (حالة الولايات المتحدة- فرنسا مثلًا).
2. قوى متوسطة، راضية لأن حلفاءها من القوى الكبرى يحافظون على النظام الذي يحقق بقاؤه مصالحها (مثال: ساحل العاج، والسنغال، وبولندا والدول الإسكندنافية في أوروبا مثلًا).
3. قوى عظمى، وهي دول غير راضية بالوضع الراهن، وتمتلك الموارد والإمكانيات للتأثير في الوضع الراهن، وتدرك ذلك، فتوظِّف إمكاناتها لمحاولة تغيير النظام الذي يرعاه الصنف الأول. ويتجلى بأوضح صورة في روسيا بوتين، والصين للرئيس اشي جين بينغب، وحلفائهما، وإلى حدٍّ ما تركيا.
4. قوى صغرى، وهي دول غير راضية بالوضع الراهن، لكنها تفتقر إلى مقومات تغييره، لذا تخضع، لكن حالما تشعر بأن هنالك قوى قادرة على تغيير الوضع الراهن، تتعاون معها. ويفسرها تطبيقيّاً تحالف القوى الإفريقية المتمردة مع القوى العظمى الساخطة على هيمنة أمريكا وفرنسا مثلاً، وتتعاون معها بالاصطفاف الكلي، أو على مستوى أقل، بمحاولة اللعب على التناقضات. مثال الدول الإفريقية على ذلك راهنًا: مدغشقر، وبوروندي، وإفريقيا الوسطى، ومالي، وغينيا الاستوائية، وإثيوبيا، من بين آخرين.
وفي ظل التنافس الاقتصادي حول الهيمنة على سوق المعادن الأرضية النادرة، تبرز الأزمة في ميانمار كنموذج للصراع، خاصة في ظل ما تتمتع به ميانمار من مكانة متميزة في سوق صناعة هذه المعادن النادرة، إذ تحتوي على نصف الخامات الأرضية النادرة في العالم، ويتم تصدير ثروتها المعدنية النادرة الثقيلة إلى الصين؛ لاستخراجها ومعالجتها، ثم يتم تصديرها إلى العالم، وذلك نظرًا للقرب الجغرافي من الصين من ناحية، والتقارب العقائدي بينهما، فضلًا عن مساحة الاندماج الكبيرة بين الصين وميانمار، وهو ما دفع الصين إلى الحرص على إبعاد النفوذ الأمريكي عن ميانمار، حيث تعد مصدرًا رئيسًا لواردات الصين من هذه المعادن.(23) وسعت الصين في البحث عن مصادر أخرى لاستيراد هذه النوعية من المعادن، فكان التوجّه الصيني صوب ماليزيا وفيتنام ولاوس وكمبوديا، إذ إن توجه الصين في البحث عن مصادر جديدة لهذه النوعية من المعادن ليس بالأمر السهل، فعملية نقل سلاسل التوريد تتطلب الكثير من الجهود، كما أن هناك الكثير من عدم اليقين وعوامل غير مستقرة تحيط بالإمدادات الجديدة من تلك المصادر المحتملة.(24)
لقد امتد التنافس الاقتصادي حول المعادن النادرة بين أميركا والصين وأوروبا وبشكل خاص فرنسا، حيث ليس من الممكن أن تظل القارة الأفريقية بعيدة عن ساحات الصراع والتنافس حول هذه النوعية من المعادن النادرة، وذلك في ضوء ما تحويه أراضي القارة الأفريقية من ثروات عديدة وموارد متنوعة، من بينها المعادن الأرضية النادرة، حيث يمكن النظر إلى أفريقيا على أنها البديل الأنسب من وجهة نظر البعض للحد من الهيمنة الصينية على هذه النوعية من المعادن، حيث تم تحديد عدد من دول جنوب وشرق أفريقيا، لديها رواسب عالية الجودة وكبيرة من المعادن الأرضية النادرة، لجعل استغلال التعدين بها مجديًا اقتصاديًا، وتزويد حكوماتها وشعوبها بفرص اقتصادية جديدة، وتشمل هذه البلدان كلًا من: ناميبيا وجنوب أفريقيا وكينيا ومدغشقر وملاوي وموزمبيق وتنزانيا وزامبيا وبوروندي.
وبالتالي، أصبح هناك العديد من العوامل المفسرة للتنافس الدولي المحتدم على المعادن الأرضية النادرة، من بينها:
1. تعتبر المواد الأرضية النادرة عبارة عن مجموعة من (17) عنصرًا في الجدول الدوري. ويأتي تفردها من أنها عادة ما تكون عالقة في معادن ومركبات أخرى. والعناصر الأرضية النادرة أكثر وفرة مما يوحي اسمها، لكن استخراج المعادن ومعالجتها وتنقيتها يطرح مجموعة من القضايا التقنية والسياسية والبيئية. فتعدين المعادن الأرضية النادرة وتحويلها إلى مواد قابلة للاستخدام عملية باهظة التكلفة ومضرة بالبيئة.
2. تُستخدم المعادن النادرة في كافة الصناعات والأجهزة عالية التقنية تقريبًا، كالبطاريات القابلة لإعادة الشحن للسيارات الكهربائية والهجينة، ومحركات السيارات الكهربائية، وأجهزة الكمبيوتر والتلفزيون، وتوربينات الرياح، والشاشات، والهواتف الذكية، والإضاءة، والليزر، والألياف البصرية، والموصلات الفائقة. ومع الاعتماد الكبير على معادن الأرض النادرة، تشعر الولايات المتحدة والدول الأوروبية بالقلق من أنّ أي تعطيل لسلاسل التوريد الخاصة بهم لمثل هذه المعادن سيضر بصناعاتها الرئيسة.
3. مثّلت المعادن النادرة أداة في يد الصين خلال الحرب التجارية مع الولايات المتحدة الأمريكية، فسيطرة الصين على معادن الأرض النادرة تُشكّل خطرًا على سلاسل التوريد العالمية والصناعات الحديثة.
4. لم تتوانَ الصين عن توظيف نفوذها في مجال إنتاج المعادن الأرضية النادرة لتحقيق أهدافها السياسية؛ ففي عام 2010م فرضت بكين قيودًا على صادرات المعادن الأرضية النادرة إلى اليابان لمدة شهرين، وسط نزاع معها بسبب إلقاء الأخيرة القبض على قبطان قارب صيد صيني صدم سفينة خفر السواحل اليابانية في المياه بالقرب من جزر متنازع عليها بين البلدين.
5. تُستخدم المعادن النادرة على نطاق واسع في الجيوش؛ فوجودها ضروري في صناعة المحركات النفاثة، وأنظمة توجيه الصواريخ والدفاع، والأقمار الصناعية والليزر، وتُستخدم أيضًا في أجزاء سفن الفضاء والطائرات بدون طيار، والغواصات النووية. لذلك، يشعر صانعو السياسة في الولايات المتحدة بالقلق بشكل خاص من اضطرابات سلاسل التوريد القادمة من الصين، والتي يمكن أن تُهدد صناعة الدفاع الأمريكية، التي تستخدم عناصر أرضية نادرة في مجموعة واسعة من التقنيات، من معدات السونار والاتصالات إلى الصواريخ والمحركات النفاثة.
خاتمة
إن مآلات التنافس الدولي على المعادن، تتجلَّى في أن قطاع التعدين بات ظاهرة جيواقتصادية شاملة توضح بشكل ملحوظ التقارب المزعج، والخطير أحياناً، بين السياسة والاقتصاد في العالم المعولم والمتجه نحو التغيير في نسق نظامه. ومن هنا، يمكن القول: إن التنافس على قطاع التعدين يعجِّل بتعدد الأقطاب، وربما بما بات يُعرف بـ االحرب الباردة الثانيةب. وباختصار، إن تأملاً نقديًّا في سباق القوى الأجنبية على المعادن، يُظهر نقطة التقاء في آن واحد، كمحاولات الأطراف اللعب على سياسات امنطقة النفوذ التقليديةب بطريقة ضمنية، حال الغرب. أو الشراكات الجديدة من الصين وروسيا التي تغري الدول بأنها تجمعها ارؤية مشتركةب لما يجب أن يكون عليه النظام العالمي، وجميعها يُوحي بأن مستقبل الصراع على الهيمنة العالمية سيؤدي إلى حرب باردة اجديدةب، فإنها حتماً تجد تبلورها، وللمعادن النفيسة والاستراتيجية دورٌ عظيم في تزكيتها.
ويمكن القول: إنه من المتوقع أن تظل الصين مهيمنة على سوق إنتاج المعادن الأرضية النادرة لبعض الوقت في المستقبل، بسبب افتقار الولايات المتحدة إلى منشآت المعالجة المحلية، ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة بإمكانها زيادة إمداداتها من تلك المعادن، من خلال العمل مع الحلفاء لتعزيز القدرات الإنتاجية المشتركة، وتشجيع جهود إعادة التدوير في الداخل.
الهوامش
1. ثامر محمود العاني، التنافس الاقتصادي العالمي على المعادن النادرة، العربية، 1 أكتوبر 2021.https://ara.tv/69abz
2. محمد طيفوري، إفريقيا: المعادن تعيد القارة لزمن الحرب الباردة، صحيفة الاقتصادية، 15 نوفمبر 2021.
3. Joël Kotek, le génocide oublié des Hereros, lصHistoire, janvier 2002. https://www.lhistoire.fr/afrique%C2%A0-le-g%C3%A9nocide-oubli%C3%A9-des-hereros
4. U.S. Geological Survey, Mineral Commodity Summaries, January 2020. https://pubs.usgs.gov/periodicals/mcs2020/mcs2020-rare-earths.pdf
5. Arij Limam, What are rare earth metals and what are they used for?, China Global Television Network CGTN, 13 Apr 2021. https://www.cgtn.com/about-us
– Arij Limam, op. cit,
6. Ibid.
7. أحمد طاهر، المعادن النادرة: بُعد جديد في الصراع الأميركي- الصيني، المجلة، 29 يونيو 2021.
8. محمد طيفوري، مصدر سابق.
9. هشام محمود، المعادن النادرة تدخل على خط النزاع الصيني – الأمريكي .. بكين تلوح بتقييد الصادرات، صحيفة الاقتصادية، 30 مايو 2019.
10. Ambrose Evans-pritchard, China]s dominance of critical minerals may be as dangerous for Europe as Russia]s energy weapon, telegraph, 24 May 2022. https://www.telegraph.co.uk/business/2022/05/24/chinas-dominance-critical-minerals-may-dangerous-europe-russias/
11. Ibid.
12. Ibid.
13. حرب المعادن النادرة: لماذا يخشي الغرب من سيطرة الصين علي عناصر الأرض النادرة، المعرفة للدراسات، 26 سبتمبر 2021.
https://www.marefaah.com/2021/09/rare-metal-war-why-is-the-west-is-afraid-of-chinese-control-over-rare-earth%20elements.html
14. Tatiana Kondratenko, Russian arms exports to Africa: Moscow]s long-term strategy, by DW, 29 august 2020. https://www.dw.com/en/russian-arms-exports-to-africa-moscows-long-term-strategy/a-53596471
15. Oliver Towfigh Nia, Russia building military bases in Africa: Daily publishes details of reported secret German government document on \Russiaصs new Africa ambitions], 4, 8, 2020. https://www.aa.com.tr/en/africa/russia-building-military-bases-in-africa-report-/1931550
16. Nataliya Bugayova; and others, THE KREMLIN]S INROADS AFTER THE AFRICA SUMMIT, Institute for the Study of War(ISW), 8 November 2019. https://www.understandingwar.org/backgrounder/kremlins-inroads-after-africa-summit
17. Mary Hui, Japanصs global rare earths quest holds lessons for the US and Europe, April 23, 2021. https://qz.com/1998773/japans-rare-earths-strategy-has-lessons-for-us-europe/
18. Ibid.
19. أنظر: مارثا هينريكيس، كيف تخطط اليابان للاستفادة من المعادن في قاع المحيطات؟، بي بي سي عربي، 16 يناير 2019. https://www.bbc.com/arabic/vert-cul-46875893
20. Mary Hui, op. cit,
21. إدريس آيات، المعادن الأفريقية في التنافس الدولي: الرهانات والمآلات، مركز الجزيرة للدراسات، 26 أكتوبر 2021. https://studies.aljazeera.net/ar/article/5170
22. Zhang Hongpei and Li Xuanmin, Myanmar rare earths heading toward China encounter shipment obstacles amid upheaval, Global Times, Mar 21, 2021. https://www.globaltimes.cn/page/202103/1218983.shtml
23. ثامر محمود العاني،مصدر سابق.
24. صدفة محمد محمود، مستقبل التنافس العالمي على المعادن الأرضية النادرة، موقع إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية، 16 سبتمبر، 2021. https://www.interregional.com