العميد الدكتور.
مطير بن سعيد الرويحلي
باحث في العلوم الاستراتيجية
بأمرٍ من سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود؛ وبناءً على توصية من سمو سيدي ولي العهد (يحفظهما الله)، تم تعيين صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن بندر بن عبدالعزيز وزيرًا للحرس الوطني، في 20 ربيع الآخر 1440هـ. ومنذ لحظة قدومه للوزارة بعد تعيينه، وفي حفل الاستقبال الذي أقيم لسموه بمناسبة التعيين, أخبر الجميع أن الذي يهمه هو العمل والعمل فقط، بعيدًا عن برتوكولات الاستقبالات والمواكب الرسمية، والبهرجات الإعلامية التي تبحث عن الأضواء والظهور، زد على ذلك أنه يؤكد في كل مناسبة أن مكتبه وقلبه مفتوح للجميع، وأنه كذلك للجندي قبل الضابط.
بدايةً يعرف الجميع سموه من خلال عمله نائبًا لأمير منطقة مكة المكرمة، حيث برز سموه فيها كمسؤول ينزل إلى الميدان، ويتفقد سير العمل في لجان الحج وغيرها بعيدًا عن البرتوكولات، وفلاشات، وعدسات التصوير، ويشرف بنفسه، ويقابل المسؤولين والتنفيذين بل حتى صغار الموظفين والمواطنين، ويستمع لآرائهم ويعالج مشاكلهم، ويوجه بحلها في الميدان، وهذا ما شهد به الجميع. وقد اجتمع لسموه ما لم يجتمع لغيره فهو من تربى وترعرع في مدرسة التواضع والأخلاق الفاضلة لصاحب السمو الملكي الأمير بندر بن عبد العزيز (رحمه الله وأسكنه فسيح جناته).
وكذلك من خلال بروز سموه وتفوقه في جميع المراحل الدراسية حتى حصوله على درجة الماجستير في إدارة الأعمال، والجميع يدرك ويعلم أهمية هذا التخصص ومناسبته لمثل هذا المنصب الرفيع، وفوق هذا كله الخبرة التي اكتسبها سموه من خلال عمله بديوان سيدي خادم الحرمين الشريفين وقريبًا منه منذ أن كان وليًا للعهد، وبعد توليه الحكم (يحفظه الله) إلى أن عيّن نائبًا لأمير منطقة مكة المكرمة.
إن اختيار سيدي خادم الحرمين الشريفين لسموه ليتولى مهام هذه الوزارة المهمة وفي هذه المرحلة الحساسة، التي تواجه المملكة العربية السعودية ظروفًا سياسية معقدة، ومتداخلة تحتاج إلى قيادات استثنائية كشخصية سيدي الأمير عبدالله.
كذلك تنتظر المملكة تحقيق رؤية سيدي ولي العهد(رؤية 2030)، وهو تحول اقتصادي وسياسي، واجتماعي، وثقافي، وعسكري مهم.
هذا التوجه والتطلع للمستقبل يحتم أن يكون على هرم السلطة في كل وزارة قيادات شابة مثل سموه، تتوفر فيها كل عوامل النجاح والتخطيط والعمل الدؤوب من أجل تحقيق هذه الرؤية بأفضل الطرق، وأكثرها أمانًا وفاعلية, وسوف أتطرق إلى هذا الموضوع من خلال الوقفات التالية:
الوقفة الأولى: بداية المهمة
بدأ سموه عمله عند توليه مقاليد الوزارة بداية علمية وعملية وإدارية تنم عن عمق في التفكير وإدراك واضح لأولويات العمل، وذلك من خلال الاستماع إلى إيجاز عن أعمال الوزارة من وكلاء الوزارة وكبار القادة ومديري الإدارات، حيث تم شرح المهام والواجبات التي يجب أن تقوم بها كل إدارة، وبعد أن اكتملت لدى سموه الصورة عن تلك المهام والواجبات, انتقل إلى الميدان ليقف ويشاهد بنفسه طبيعة عمل هذه القطاعات والإدارات والوحدات، ويستمع إلى إيجاز ميداني عن أهم المعاضل والمعوقات التي تحتاج إلى حل على أرض الواقع، ومن ذلك زيارة سموه للقطاع الغربي والشرقي والوحدات العسكرية في كل منطقة.
كما زار سموه مركز العمليات المشتركة بالوزارة، ومدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالشؤون الصحية، والمدن السكنية لمنسوبي الحرس الوطني، وكلية القيادة والأركان، وكلية الملك خالد العسكرية، وألوية الحرس الوطني، بما فيها الزيارة الميدانية لوحدات الحرس الوطني المشاركة في عمليتي: عاصفة الحزم، وإعادة الأمل، والدفاع عن الحدود الجنوبية لبلادنا الغالية، حيث وقف بنفسه على سير العمل في هذه الوحدات، واستمع إلى إيجاز من قادتها، كما استمع إلى ما طرح على سموه من استفسارات وطلبات ومشاكل من منسوبي هذه الوحدات، ووجه بحلها مباشرة، والتأكيد على كل ما يخدم هذه الوحدات حتى تؤدي عملها على أكمل وجه، وبما يكفل لأفردها توفير البيئة الوظيفية والعملية المناسبة والمريحة, هذي الحنكة الإدارية لا يدركها إلا أصحاب العقول النيرة والهمم العالية.
الوقفة الثانية: فريق العمل
قيام سموه بإجراء تغييرات جذرية في المستويات العليا من القيادات، وإحلال دماء جديدة مكان القيادات السابقة، التي أدّت عملها بكل إخلاص وأمانة، خلال المراحل المتعاقبة من مسيرة القطاع على مستوى وكلاء الوزارة والقيادات العسكرية. إن تجديد الدماء منهج ونظرية إدارية ناجحة، وفعّالة، ولها إيجابيات تنعكس على القطاع ومنسوبيه، وخصوصًا في ظل وجود كوادر عسكرية ومدنية مؤهلة تحمل شهادات عليا في المجال العسكري، وجميع المجالات الأخرى: الفنية، والهندسية، والتقنية، وعلم القيادة المدني والعسكري.
الوقفة الثالثة: النقلة النوعية في المعدات والأسلحة والآليات
هذه المرحلة أدهشت الجميع، فمنذ تولي سموه كان هناك تغييرات أدركها الجميع، كتغيير القادة وطريقة العمل وسياسة الباب المفتوح، والبعد عن البرتوكولات، والتعقيد والبيروقراطية خلال الفترة الماضية، لكن بعد مشاركة وزارة الحرس الوطني في تطبيق الإجراءات الاحترازية لمكافحة جائحة كورونا، وتطبيق منع التجول مع باقي القطاعات العسكرية والأمنية والصحية، خرج الحرس الوطني بصورة جديدة ومتطورة ومشرّفة بكل ما تعني الكلمة، سواء من ناحية الأسلحة والمعدات العسكرية أو الآليات الجديدة كليًا في قطاع الشرطة العسكرية، والألوية الأمنية والخاصة. هذه النقلة، وهذا التحديث المبني على أفضل وآخر ما توصلت إليه التقانة الحديثة، وبهذه الكمية، وخلال هذه المرحلة الزمنية القصيرة هي خير دليلٍ على التخطيط العملي المدروس، والعمل المتواصل والدؤوب على مدار الساعة من سموه، وفريق العمل المحيط به.
واكب وأكمل الجانب الآخر من هذه الصورة الجميلة مهنية ومهارة منسوبي وزارة الحرس الوطني في التعامل الراقي مع المواطنين بمهنية عالية، وأداء للواجبات الموكلة إليهم بكل إخلاص، وتفاني؛ كان لها الأثر الكبير في التزام المواطنين والمقيمين بالإجراءات الاحترازية المطبقة في الحظر الكلي والجزئي في مراحل إدارة الأزمة في مهمة تعدّ الأولى من نوعها.
هذه الصورة المشرقة والمشرفة التي رسمها وأتقن تفاصيلها بمهنية عالية سيدي الأمير عبدالله بن بندر لهذا القطاع، والمكوّن المهم في المنظومة العسكرية والأمنية للمملكة العربية السعودية تنم عن إدراك، ووعي قيادي رفيع بمتطلبات المرحلة، والوضع الحالي والتوجه الرسمي والشعبي لتحقيق وتنفيذ أهداف الرؤية، وآلياتها التنفيذية التي (بإذن الله) سوف تكون نقلة وقفزة كبيرة في المجالات كافة، بما سينعكس على الوطن، والمواطن بالخير، والنماء، والرفاهية والحياة الكريمة.
الحرس الوطني، وعرابه وقبطان سفينته وقائده القوي الأمين الذي سيوصله (بإذن الله) إلى مراحل متقدمة من التطور والتحديث لجميع مكوناته المادية والبشرية.
وفي الختام، أستطيع أن أقول أن المستقبل المشرق والأمل الكبير قد تحقق بهذا التعيين المبارك، وكأني أشاهد الحرس الوطني بعد الشواهد الكبيرة التي رأيناها خلال هذه الفترة القصيرة، والتي تحقق فيها الكثير، أقول في القريب العاجل ستكون وزارة الحرس الوطني مؤسسة عسكرية وحضارية متقدمة تأخذ زمام المبادرة في ركب التطور والرقي، وتأخذ بأفضل الأسباب العلمية والتكنولوجية سواء من الناحية البشرية والعسكرية، تسليحًا وتدريبًا، وكذلك من الناحية الصحية والارتقاء بالخدمات المقدمة للمنسوبين، أو من الناحية الاجتماعية والرياضية.