عسكرة الفضاء الخارجي وتهديداته العسكرية والأمنية

​​

العقيد‭ ‬الركن

عبدالله‭ ‬بن‭ ‬سفر‭ ‬الذيابي

تزايد‭ ‬اعتماد‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الفضائية‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تصاعدت‭ ‬عسكرة‭/ ‬تسليح‭ ‬الفضاء‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬مع‭ ‬تعدد‭ ‬استخداماته‭ ‬للأغراض‭ ‬العسكرية‭ ‬والمدنية‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬وهي‭ ‬الاستخدامات‭ ‬التي‭ ‬تمخض‭ ‬عنها‭ ‬دعوات‭ ‬للهيمنة‭ ‬والسيطرة‭ ‬عليه‭ ‬صاحبها‭ ‬شكلًا‭ ‬جديدًا‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬سباقات‭ ‬التسلح؛‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬إن‭ ‬وضعت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬أسلحة‭ ‬في‭ ‬الفضاء،‭ ‬ستتجه‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬أساليب‭ ‬مضادة‭ ‬لمهاجمة‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وإن‭ ‬طورت‭ ‬تلك‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬أنظمة‭ ‬مكافئة،‭ ‬سيبدأ‭ ‬سباق‭ ‬تسلح‭ ‬محتدم‭ ‬خوفًا‭ ‬من‭ ‬تحكم‭ ‬دولة‭ ‬بعينها‭ ‬في‭ ‬الفضاء،‭ ‬ليصبح‭ ‬تطوير‭ ‬الأسلحة‭ ‬الفضائية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬أمرًا‭ ‬لا‭ ‬مفر‭ ‬منه‭.‬‭(‬1‭)‬

تثير‭ ‬عسكرة‭ ‬الفضاء‭ ‬وجهود‭ ‬تسليحه‭ ‬إشكالات‭ ‬سياسية‭ ‬عدة‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬مقدمتها‭ ‬الكيفية‭ ‬التي‭ ‬تدرك‭ ‬بها‭ ‬دولة‭ ‬ما‭ ‬جهود‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬استخدامات‭ ‬الفضاء‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬استخداماته‭ ‬المزدوجة؛‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬الليزر،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬وإن‭ ‬اسُتخدم‭ ‬لأغراض‭ ‬الدفاع،‭ ‬فإنه‭ ‬يمكن‭ ‬توظيفه‭ ‬كسلاح‭ ‬هجومي‭ ‬بامتياز‭ ‬ضد‭ ‬أهداف‭ ‬فضائية‭ ‬أو‭ ‬أرضية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬يصبح‭ ‬السؤال‭ ‬هو‭: ‬كيف‭ ‬تدرك‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬نشر‭ ‬روسيا‭ ‬لسلاح‭ ‬فضائي‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬استهداف‭ ‬الأراضي‭ ‬الأمريكية‭ ‬أو‭ ‬أصولها‭ ‬الفضائية؟‭ ‬وهل‭ ‬يُعد‭ ‬ذلك‭ ‬استخدامًا‭ ‬‮«‬سلميًا‮»‬‭ ‬للفضاء‭ ‬طالما‭ ‬لم‭ ‬يُستخدم‭ ‬للأغراض‭ ‬الهجومية؟‭ ‬وهل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬نشر‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأنظمة‭ ‬إلى‭ ‬سباق‭ ‬تسلح‭ ‬في‭ ‬الفضاء؟‭ ‬إن‭ ‬تلك‭ ‬الأسئلة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تدفع‭ ‬الدول‭ ‬لتطوير‭ ‬الأسلحة‭ ‬المضادة‭ ‬للأقمار‭ ‬الاصطناعية،‭ ‬وهي‭ ‬أيضًا‭ ‬مصدر‭ ‬مبدأ‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الذي‭ ‬يدفع‭ ‬مختلف‭ ‬الدول‭ ‬صوب‭ ‬سباق‭ ‬تسلح‭ ‬محتدم‭.‬‭(‬2‭)‬

القوة‭ ‬الفضائية‭ ‬في‭ ‬ميزان‭ ‬القوى‭ ‬الدولية

تصاعدت‭ ‬وتيرة‭ ‬الربط‭ ‬بين‭ ‬قضية‭ ‬أمن‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي،‭ ‬والصراع‭ ‬على‭ ‬مقدراته‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬قوى‭ ‬دولية‭ ‬تقليدية‭ ‬وأخرى‭ ‬صاعدة،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستحواذ‭ ‬على‭ ‬‮«‬القوة‭ ‬الفضائية‮»‬،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬الأهمية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬لها،‭ ‬وظهور‭ ‬جيل‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬‮«‬سباق‭ ‬الفضاء‮»‬‭ ‬يتميز‭ ‬بقوة‭ ‬النزوح‭ ‬نحو‭ ‬العسكرة،‭ ‬وحالة‭ ‬من‭ ‬‮«‬التعدد‮»‬‭ ‬في‭ ‬الفاعلين‭ ‬و«التصاعد‮»‬‭ ‬في‭ ‬التأثير،‭ ‬و«التنافس‮»‬‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬والشركات‭ ‬الخاصة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬له‭ ‬انعكاس‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬‮«‬الامن‭ ‬الفضائي‮»‬‭ ‬بل‭ ‬كذلك‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الجماعي‭ ‬الدولي‭.‬

تحول‭ ‬الفضاء‭ ‬ــ‭ ‬كمجال‭ ‬دولي‭ ‬جديد‭ ‬ــ‭ ‬لساحة‭ ‬لصراع‭  ‬ذو‭ ‬أبعاد‭ ‬مختلفة‭ ‬منها‭ ‬ذات‭ ‬طابع‭ ‬تجاري‭ ‬وعلمي‭ ‬وعسكري،‭ ‬وتراوح‭ ‬الاستخدام‭ ‬بين‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬أهداف‭ ‬قومية‭ ‬للدولة‭ ‬أو‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهدافٍ‭ ‬إنسانية،‭ ‬وبين‭ ‬وجود‭ ‬حدود‭ ‬لذلك‭ ‬الاستخدام‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬آفاق‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭ ‬لها‭ ‬مع‭ ‬الطموح‭ ‬البشري‭ ‬واتساع‭ ‬الكون‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬إمكانية‭ ‬الفصل‭ ‬بين‭ ‬الطابع‭ ‬المدني‭ ‬والآخر‭ ‬العسكري‭ ‬توجد‭ ‬حالة‭ ‬أخرى‭ ‬للاستخدام‭ ‬المزدوج‭ ‬للأنشطة‭ ‬الفضائية،‭ ‬والتي‭ ‬يتم‭ ‬توظيفها‭ ‬عسكريًا‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬الأمن‭ ‬القومي،‭ ‬والتكتيكات‭ ‬الحربية،‭ ‬والتجسس،‭ ‬وتأمين‭ ‬نظام‭ ‬الملاحة‭ ‬الجوية،‭ ‬والإنذار‭ ‬المبكر،‭ ‬والاتصالات‭ ‬العسكرية،‭ ‬وعلى‭ ‬المستوى‭ ‬المدني‭ ‬يتم‭ ‬استخدامه‭ ‬في‭ ‬البث‭ ‬الإذاعي‭ ‬والتليفزيوني،‭ ‬والاستشعار‭ ‬عن‭ ‬بعد،‭ ‬والأرصاد‭ ‬الجوية،‭ ‬ونظام‭ ‬تحديد‭ ‬المواقع‭ ‬العالمي،‭ ‬والاتصالات‭ ‬والإنترنت‭ ‬الفضائي‭.‬

وحمل‭ ‬بذلك‭ ‬الفضاء‭ ‬مضامين‭ ‬متعددة‭ ‬ذات‭ ‬طبيعة‭ ‬عسكرية‭ ‬ومدنية‭ ‬ــ‭ ‬اقتصادية‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬بروز‭ ‬‮«‬القوة‭ ‬الفضائية‭ ‬‮«‬كنمط‭ ‬جديد‭ ‬يرتبط‭ ‬بـ«القوة‭ ‬الشاملة‮»‬،‭ ‬وسعت‭ ‬للاستحواذ‭ ‬عليها‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬والصغرى‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء،‭ ‬وبزغت‭ ‬متغيرات‭ ‬تعلقت،‭ ‬بالتالي‭:‬

1‭. ‬تنامي‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والأمن‭ ‬وأثرها‭ ‬في‭ ‬تطور‭ ‬القدرات‭ ‬الدفاعية‭ ‬أو‭ ‬الهجومية،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬دفع‭ ‬التوتر‭ ‬الدولي‭ ‬لعسكرة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬في‭ ‬حجم‭ ‬الإنفاق‭ ‬العسكري‭ ‬أو‭ ‬بتطور‭ ‬نشر‭ ‬الأسلحة‭ ‬أو‭ ‬التهديدات‭ ‬شملت‭ ‬كافة‭ ‬المجالات‭ ‬الدولية‭ ‬الخمس‭ (‬البر‭ ‬والبحر‭ ‬والجو‭ ‬والفضاء‭ ‬الخارجي‭ ‬والفضاء‭ ‬السيبراني‭).‬

2‭. ‬تصاعد‭ ‬الأهمية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للفضاء‭ ‬مع‭ ‬بروز‭ ‬حوافز‭ ‬جديدة‭ ‬لمواجهة‭ ‬ندرة‭ ‬الموارد‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬واحتمالية‭ ‬وجود‭ ‬حياة‭ ‬وموارد‭ ‬خارجها،‭ ‬والتنقيب‭ ‬عن‭ ‬المعادن‭ ‬الثمينة‭ ‬أو‭ ‬الاستعمار‭ ‬الجديد‭ ‬للكواكب،‭ ‬وبخاصة‭ ‬القمر‭.‬

3‭. ‬تميز‭ ‬الفضاء‭ ‬بخصائص‭ ‬فيزيائية‭ ‬مختلفة‭ ‬يجعله‭ ‬يتشابك‭ ‬وظيفيًا‭ ‬مع‭ ‬بقية‭ ‬المجالات‭ ‬الدولية،‭ ‬ويعزز‭ ‬من‭ ‬الانتقال‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬العسكري‭ ‬ــ‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬من‭ ‬حقبة‭ ‬‮«‬القوة‭ ‬الجوية‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬القوة‭ ‬الفضائية‮»‬،‭ ‬والتحول‭ ‬من‭ ‬‮«‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الأجواء‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬الاهتمام‭ ‬بـ«المجال‭ ‬الأعلى‮»‬‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭.‬

4‭. ‬دمج‭ ‬الدول‭ ‬للفضاء‭ ‬الخارجي‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬التقليدية‭ ‬وفي‭ ‬استراتيجيات‭ ‬الأمن‭ ‬القومي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬لتغيير‭ ‬مبادئ‭ ‬الحرب‭ ‬والأمن‭ ‬والدفاع‭ ‬والقوة‭ ‬والصراع‭.‬

اقتصاد‭ ‬الفضاء‭ ‬كمحرك‭ ‬جديد‭ ‬للتنافس‭ ‬الدولي

برز‭ ‬اقتصاد‭ ‬الفضاء‭ ‬باعتباره‭ ‬يلعب‭ ‬دورًا‭ ‬مهمًا‭ ‬في‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬للعديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬توفر‭ ‬منصات‭ ‬الإطلاق‭ ‬أو‭ ‬تصدير‭ ‬التقنيات‭ ‬اللازمة‭ ‬للدول‭ ‬الأخرى،‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬يُعرف‭ ‬بـ«اقتصاد‭ ‬الفضاء‮»‬،‭ ‬مدخلًا‭ ‬استراتيجيًا‭ ‬للاستحواذ‭ ‬على‭ ‬القوة‭ ‬الفضائية،‭ ‬ويشمل‭ ‬‮«‬اقتصاد‭ ‬الفضاء‮»‬‭ ‬نمطين‭: ‬الأول‭: ‬يرتبط‭ ‬بـ«اقتصاد‭ ‬الفضاء‭ ‬مقابل‭ ‬الأرض‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬السلع‭ ‬أو‭ ‬الخدمات‭ ‬المنتجة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬للاستخدام‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬ويشمل‭ ‬ذلك‭ ‬الاتصالات‭ ‬السلكية‭ ‬واللاسلكية‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬للإنترنت‭ ‬وقدرات‭ ‬مراقبة‭ ‬الأرض،‭ ‬والأقمار‭ ‬الاصطناعية‭. ‬أما‭ ‬النمط‭ ‬الثاني،‭ ‬فيرتبط‭ ‬بـ«اقتصاد‭ ‬الفضاء‭ ‬مقابل‭ ‬الفضاء‮»‬،‭ ‬أي‭ ‬السلع‭ ‬والخدمات‭ ‬المنتجة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬لاستخدامها‭ ‬في‭ ‬الفضاء،‭ ‬مثل‭ ‬تعدين‭ ‬القمر‭ ‬والكويكبات‭ ‬لاستخراج‭ ‬مواد‭ ‬يمكن‭ ‬استخدامها‭ ‬للبناء‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭.‬

‭ ‬وقد‭ ‬شهدت‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬ازدهار‭ ‬وتنامي‭ ‬فرص‭ ‬وإمكانات‭ ‬الاستثمارات‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬الفضاء‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الحكومات‭ ‬أو‭ ‬الشركات‭ ‬متعددة‭ ‬الجنسيات،‭ ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬2018م‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬نجحت‭ ‬في‭ ‬الإطلاق‭ ‬إلى‭ (‬82‭) ‬دولة‭ ‬عام‭ ‬2018م‭ ‬مقارنة‭ ‬بـ‭ (‬50‭) ‬دولة‭ ‬عام‭ ‬2008م،‭ ‬وتم‭ ‬إطلاق‭ (‬900‭) ‬قمر‭ ‬اصطناعي‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬بين‭ ‬عامي‭ ‬2014‭ ‬ــ‭ ‬2018م‭. ‬وشهد‭ ‬عام‭ ‬2018م‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬الإطلاق‭ ‬المداري‭ ‬التي‭ ‬أجريت‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2000م‭ ‬بنحو‭ (‬114‭) ‬عملية‭ ‬إطلاق،‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2020م‭ ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬التي‭ ‬أطلقتها‭ ‬فقط‭ ‬ثماني‭ ‬دول‭ ‬نحو‭ (‬2,313‭) ‬قمر‭ ‬اصطناعي،‭ ‬منها‭ ‬نحو‭ (‬339‭) ‬قمر‭ ‬اصطناعي‭ ‬للأغراض‭ ‬العسكرية،‭(‬3‭) ‬وفي‭ ‬النصف‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2022م‭ ‬تم‭ ‬إطلاق‭ ‬نحو‭ (‬72‭) ‬صاروخًا‭ ‬فضائيًا‭ ‬و‭(‬1022‭) ‬مركبة‭ ‬فضائية،‭ ‬وقد‭ ‬دعمت‭ ‬الشركات‭ ‬التجارية‭ ‬نحو‭ ‬90‭% ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬الإطلاق،‭ ‬والتي‭ ‬بلغت‭ ‬نحو‭ (‬958‭) ‬مركبة‭ ‬فضائية‭.‬

‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬يوجد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشرة‭ ‬آلاف‭ ‬شركة‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬ونحو‭ ‬خمسة‭ ‬آلاف‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬المستثمرين‭ ‬يشاركون‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬الفضاء،‭ ‬بقيمة‭ ‬إجمالية‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ (‬469‭) ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2021م،‭ ‬بارتفاع‭ ‬نسبته‭ ‬9‭% ‬مقارنة‭ ‬بعام‭ ‬2020م،‭ ‬مثل‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬للإنترنت‭ ‬التي‭ ‬أطلقتها‭ ‬شركة‭ (‬Starlink Spacex‭)‬،‭ ‬والتي‭ ‬يملكها‭ ‬الملياردير‭ ‬الأمريكي‭ ‬إيلون‭ ‬ماسك،‭ ‬وبنهاية‭ ‬عام‭ ‬2202م‭ ‬تم‭ ‬استثمار‭ ‬حوالي‭ (‬265‭) ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬الشركات‭ ‬الناشئة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الفضاء‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬4102م،‭ ‬ووفقًا‭ ‬لشركة‭ (‬Space CapitaI‭)‬،‭ ‬ذهب‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬هذا‭ ‬المبلغ‭ ‬إلى‭ ‬شركات‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬بينما‭ ‬تم‭ ‬استثمار‭ ‬03٪‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬الشركات‭ ‬الصينية‭.‬‭(‬4‭)‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬إطلاق‭ ‬الصواريخ‭ ‬في‭ ‬المدار‭ ‬هو‭ ‬عمل‭ ‬مكلف‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬أن‭ ‬وكالات‭ ‬الفضاء‭ ‬الحكومية‭ ‬أو‭ ‬الشركات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بالحكومة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬بنقل‭ ‬رواد‭ ‬الفضاء‭ ‬أو‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬إلى‭ ‬الفضاء،‭ ‬فلا‭ ‬تزال‭ ‬صناعة‭ ‬سياحة‭ ‬الفضاء‭ ‬الخاصة‭ ‬تزدهر‭ ‬في‭ ‬العامين‭ ‬الماضيين،‭ ‬حيث‭ ‬توفر‭ ‬شركات،‭ ‬مثل‭: (‬Virgin Galactic‭) ‬لريتشارد‭ ‬برانسون،‭ ‬وشركة‭ (‬Blue Origin‭) ‬لجيف‭ ‬بيزوس،‭ ‬و‭(‬SpaceX‭) ‬لدرجات‭ ‬متفاوتة‭ ‬من‭ ‬السفر‭ ‬الفضائي‭ ‬شبه‭ ‬المداري،‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2022م،‭ ‬ووفقًا‭ ‬لـ‭(‬Bryce Tech‭)‬،‭ ‬أطلق‭ ‬أحد‭ ‬عشر‭ ‬مزودًا‭ ‬خاصًا‭ (‬94‭) ‬صاروخًا،‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬قامت‭ ‬شركة‭ (‬SpaceX‭) ‬وحدها‭ ‬بإرسال‭ (‬61‭) ‬صاروخًا‭ ‬إلى‭ ‬المدار‭.‬‭(‬5‭)‬

‭ ‬يقارن‭ ‬ذلك‭ ‬مع‭ (‬71‭) ‬عملية‭ ‬إطلاق‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬وكالات‭ ‬الفضاء‭ ‬أو‭ ‬الشركات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬بالحكومات،‭ ‬والشركات‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬هي‭ ‬الشركة‭ ‬الرئيسة‭ ‬لبرنامج‭ ‬الفضاء‭ ‬الصيني‭ (‬مؤسسة‭ ‬علوم‭ ‬وتكنولوجيا‭ ‬الفضاء‭ ‬الصينية‭) ‬بنحو‭ (‬35‭ ‬إطلاقًا‭)‬،‭ ‬تليها‭ ‬وكالة‭ ‬الفضاء‭ ‬الروسية‭ (‬Roscosmos‭) ‬بنحو‭ ‬‭(‬21‭ ‬عملية‭ ‬إطلاق‭)‬،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬القطاعان‭ ‬العام‭ ‬والخاص‭ ‬متشابكين‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬الفصل‭ ‬بينهما‭ ‬بشكل‭ ‬صارم،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬حصلت‭ ‬شركة‭ (‬SpaceX‭) ‬على‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬وكالة‭ ‬الفضاء‭ ‬الأمريكية‭ ‬ناسا،‭(‬6‭) ‬بقيمة‭ (‬2‭) ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬السنة‭ ‬المالية‭ ‬للوكالة‭ ‬2022م‭ ‬وحدها‭.‬‭(‬7‭)‬

وقد‭ ‬زادت‭ ‬الاستثمارات‭ ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬مشروعات‭ ‬الفضاء‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬2021م‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬ارتفاع‭ ‬بنسبة‭ ‬19‭% ‬في‭ ‬الإنفاق‭ ‬الحكومي‭ ‬الإجمالي‭ ‬على‭ ‬برامج‭ ‬الفضاء‭ ‬العسكرية‭ ‬والمدنية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم،‭ ‬وهو‭ ‬أسرع‭ ‬معدل‭ ‬نمو‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2014م،‭ ‬ورفعت‭ ‬الهند،‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬إجمالي‭ ‬انفاقها‭ ‬على‭ ‬الفضاء‭ ‬إلى‭ ‬36‭%‬،‭ ‬والصين‭ ‬إلى‭ ‬نحو‭ ‬23‭%‬،‭ ‬بينما‭ ‬ضخت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬استثمارات‭ ‬بزيادة‭ ‬قدرها‭ ‬18‭% ‬وبما‭ ‬يعادل‭ ‬12%‭ ‬من‭ ‬الإنفاق‭ ‬العالمي‭ ‬على‭ ‬الفضاء،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬ينمو‭ ‬اقتصاد‭ ‬الفضاء‭ ‬إلى‭ (‬640‭) ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2026م،‭ ‬وبحلول‭ ‬عام‭ ‬2030م‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬ينمو‭ ‬بنسبة‭ ‬75‭%‬،‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ (‬642‭) ‬مليار‭ ‬دولار،‭ ‬ثم‭ ‬إلى‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2040م،‭ ‬كما‭ ‬من‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬قيمة‭ ‬سوق‭ ‬السفر‭ ‬والسياحة‭ ‬الفضائية‭ ‬إلى‭ (‬23‭) ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030م‭.‬

اتجاهات‭ ‬تنامي‭ ‬العسكرة‭ ‬وسباق‭ ‬التسلح‭ ‬الفضائي‭ ‬

تسابقت‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬للاستحواذ‭ ‬على‭ ‬‮«‬القوة‭ ‬الفضائية‮»‬‭  ‬منذ‭  ‬إطلاق‭  ‬القمر‭ ‬الصناعي‭ ‬‮«‬السوفيتي‮»‬‭ ‬عام‭ ‬1957م،‭ ‬وأعقب‭ ‬ذلك‭ ‬الجهود‭ ‬الأمريكية‭ ‬بإطلاق‭ ‬المركبة‭ ‬ابولو‭ ‬للقمر‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1969م،‭ ‬وتميز‭ ‬سباق‭ ‬التسلح‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬خلال‭ ‬حقبة‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬بالتنافس‭ ‬في‭ ‬ميادين‭ ‬الدفاع،‭ ‬وكانت‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬لحرب‭ ‬نفسية‭ ‬متبادلة،‭ ‬وفيما‭ ‬عرف‭  ‬آنذاك‭ ‬بـ«حرب‭ ‬النجوم‮»‬،‭ ‬وعدم‭ ‬تبلور‭ ‬فكرة‭  ‬نشر‭ ‬دروع‭ ‬مضادة‭ ‬للصواريخ‭ ‬في‭ ‬الفضاء،‭ ‬وانحسار‭ ‬النشاط‭ ‬الفضائي‭ ‬في‭ ‬قوتين،‭ ‬وأعقب‭ ‬ذلك‭ ‬قيام‭ ‬كل‭ ‬قوة‭ ‬بدعم‭ ‬حلفائها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تبني‭ ‬البرامج‭ ‬الفضائية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬ما‭ ‬عرف‭ ‬بحروب‭ ‬الوكالة،‭ ‬ودخل‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬للنادي‭ ‬الفضائي‭ ‬بتبني‭ ‬مشروعات‭ ‬وطنية‭ ‬أو‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬الحليفة،‭ ‬ومازالت‭ ‬تحتفظ‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بالهيمنة‭ ‬الفضائية‭ ‬بامتلاكها‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬50‭% ‬من‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭.‬‭(‬8‭)‬

وجاء‭ ‬تطور‭ ‬‮«‬الجيل‭ ‬الجديد‮»‬‭ ‬من‭ ‬سباق‭ ‬تسلح‭ ‬الفضاء‭ ‬ليتميز‭ ‬بعدة‭ ‬خصائص‭ ‬لعل‭ ‬أهمها‭:‬‭(‬9‭)‬

ــ‭ ‬تصاعد‭ ‬استخدام‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬الاستخباراتي‭ ‬والحروب‭ ‬النفسية‭ ‬والإعلامية‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الدولية‭ ‬أي‭ ‬عبر‭ ‬التوظيف‭ ‬العسكري‭ ‬للقوة‭ ‬‮«‬الناعمة‮»‬‭.‬

ــ‭ ‬توظيف‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬العسكري‭ ‬سواء‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬التكتيكي‭ ‬أو‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬أو‭ ‬العملياتي،‭ ‬وتطوير‭ ‬ونشر‭ ‬واستخدام‭ ‬الأسلحة‭ ‬الدفاعية‭ ‬والهجومية‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الفضائية‭ ‬لدول‭ ‬أخرى‭.‬

ــ‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬رقمنة‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬ليتواكب‭ ‬مع‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬الاتصال‭ ‬والإنترنت،‭ ‬والتطور‭ ‬في‭ ‬الإطلاق‭ ‬والتشغيل‭.‬

ــ‭ ‬اتجاه‭ ‬الدول‭ ‬لامتلاك‭ ‬وتطوير‭ ‬التقنيات‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬الخداع‭ ‬أو‭ ‬التعطيل‭ ‬أو‭ ‬التدمير‭ ‬للأنظمة‭ ‬الفضائية‭ ‬الأخرى،‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬بنيتها‭ ‬التحتية‭ ‬أو‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬استراتيجية،‭ ‬ومواجهة‭ ‬خطر‭ ‬الأسلحة‭ ‬الباليستية‭ ‬أو‭ ‬للمساعدة‭ ‬في‭ ‬عمل‭ ‬حربي‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬أو‭ ‬ضمان‭ ‬حرية‭ ‬الملاحة‭ ‬الفضائية‭.‬

ــ‭ ‬تحسين‭ ‬القدرة‭ ‬في‭ ‬التحكم‭ ‬والسيطرة‭ ‬بالقوة‭ ‬الفضائية‭ ‬بامتلاك‭ ‬نظم‭ ‬عسكرية‭ ‬‮«‬تسلح‮»‬‭ ‬أو‭ ‬‮«‬قواعد‮»‬‭ ‬في‭ ‬الفضاء،‭ ‬وظهرت‭ ‬وفق‭ ‬اعتبار‭ ‬مكان‭ ‬تواجد‭ ‬الهدف‭ ‬أو‭ ‬بمكان‭ ‬وجود‭ ‬‮«‬السلاح‮»‬‭ ‬أنماط‭ ‬جديدة‭ ‬منه‭ (‬سلاح‭ ‬فضاء‭ ‬ــ‭ ‬فضاء،‭ ‬فضاء‭ ‬ــ‭ ‬أرض،‭ ‬أرض‭ ‬ــ‭ ‬فضاء‭ ‬وأرض‭ ‬ــ‭ ‬أرض‭ (‬عبر‭ ‬الفضاء‭).‬

ــ‭ ‬التغير‭ ‬في‭ ‬طبيعة‭ ‬السلاح‭ ‬‮«‬الفضائي‮»‬‭ ‬من‭ ‬اعتماده‭ ‬على‭ ‬قوة‭ ‬النيران‭ ‬إلى‭ ‬القدرات‭ ‬السيبرانية‭ ‬التي‭ ‬تمكنه‭ ‬من‭ ‬التعمية‭ ‬والاختراق‭ ‬والتشويش‭ ‬للأقمار‭ ‬الاصطناعية‭. ‬وأخذ‭ ‬‮«‬السلاح‭ ‬الفضائي‮»‬‭ ‬طبيعة‭ ‬متحركة‭ ‬تكتسب‭ ‬قوتها‭ ‬بالاصطدام‭ ‬بالهدف‭ ‬وتدميره،‭ ‬أو‭ ‬بتوظيف‭ ‬أشعة‭ ‬الليزر‭ ‬أو‭ ‬الموجات‭ ‬الكهرومغناطيسية،‭ ‬تدمير‭ ‬الألواح‭ ‬الشمسية‭ ‬للأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬المعادية‭ ‬أو‭ ‬بتحويل‭ ‬مفردات‭ ‬الطبيعة‭ ‬الفضائية‭ ‬لاستحداث‭ ‬الظواهر‭ ‬الطبيعية‭ ‬كالرعد‭ ‬والعواصف‭ ‬والأعاصير‏‭ ‬والزلازل‭ ‬بشكل‭ ‬اصطناعي‭ ‬‮«‬غاز‭ ‬الكيمتريل‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬غلبة‭ ‬الطابع‭ ‬العسكري‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬الأسلحة‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تستخدم‭ ‬كذلك‭ ‬في‭ ‬مهام‭ ‬مدنية،‭ ‬كتدمير‭ ‬نيازك‭ ‬مدمره‭ ‬تسقط‭ ‬على‭ ‬الأرض‭.‬

مؤشرات‭ ‬تنامي‭ ‬العسكرة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي

على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كون‭ ‬الدول‭ ‬هي‭ ‬المستثمر‭ ‬الرئيس‭ ‬في‭ ‬الأنشطة‭ ‬الفضائية‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬مركزها‭ ‬يشهد‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬التراجع‭ ‬لصالح‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عولمة‭ ‬النشاط‭ ‬التجاري،‭ ‬وأدت‭ ‬الزيادة‭ ‬في‭ ‬الفاعلين‭ ‬أو‭ ‬الأنشطة‭ ‬لزيادة‭ ‬مقابلة‭ ‬في‭ ‬المكاسب‭ ‬وأخرى‭ ‬في‭ ‬المخاطر‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالصراع‭.‬

وشملت‭ ‬اتجاهات‭ ‬تنامي‭ ‬العسكرة،‭ ‬أولاً‭: ‬دعم‭ ‬عمليات‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬القوة‭ ‬الفضائية‭ ‬بإطلاق‭ ‬الصواريخ‭ ‬أو‭ ‬أقمار‭ ‬اصطناعية‭ ‬حول‭ ‬الأرض‭. ‬وثانيًا‭: ‬استخدام‭ ‬مقدرات‭ ‬الفضاء‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬العمل‭ ‬العسكري‭ ‬على‭ ‬الأرض‭. ‬وثالثًا‭: ‬تعزيز‭ ‬قدرات‭ ‬الحماية‭ ‬والردع‭ ‬والرقابة‭ ‬لضمان‭ ‬أمن‭ ‬الملاحة‭ ‬الفضائية‭ ‬ومنع‭ ‬الأعداء‭ ‬وتمكين‭ ‬الأصدقاء‭.‬

‭ ‬ومن‭ ‬أهم‭ ‬مؤشرات‭ ‬السباق‭ ‬نمو‭ ‬مجال‭ ‬استكشاف‭ ‬الفضاء‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الدولية،‭ ‬مثل‭: ‬تحقيق‭ ‬الصين‭ ‬الوصول‭ ‬للمريخ،‭ ‬وأن‭ ‬تصبح‭ ‬‮«‬قوة‭ ‬فضائية‭ ‬كبرى‮»‬‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2030م،‭(‬10‭) ‬ودول‭ ‬أخرى،‭ ‬مثل‭: ‬روسيا‭ ‬وإسرائيل‭ ‬والهند‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬والبرازيل،‭ ‬وظهرت‭ ‬قوة‭ ‬صاعدة،‭ ‬مثل‭: ‬المكسيك‭ ‬وجنوب‭ ‬افريقيا‭ ‬وإيران‭ ‬وسنغافورة‭ ‬ونيجيريا‭ ‬والأرجنتين،‭ ‬ويشهد‭ ‬الفضاء‭ ‬الآسيوي‭ ‬حالة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬من‭ ‬التنافس‭ ‬انعكاسًا‭ ‬لحالة‭ ‬التوتر‭ ‬حول‭ ‬الحدود‭ ‬والمصالح‭ ‬بين‭ ‬القوى‭ ‬الإقليمية،‭ ‬مثل‭: ‬الهند‭ ‬وباكستان‭.‬‭(‬11‭)‬

ومن‭ ‬أهم‭ ‬مؤشرات‭ ‬عسكرة‭ ‬الفضاء‭ ‬إنشاء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬رسميًا‭ ‬جيش‭ ‬خاص‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬2019م،‭ ‬وإعلان‭ ‬فرنسا‭ ‬تشكيل‭ ‬قيادة‭ ‬عسكرية‭ ‬للفضاء‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2019م،‭ ‬وقيام‭ ‬عدد‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬مثل‭: ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬بإجراء‭ ‬تجارب‭ ‬لاختبار‭ ‬قدراتها‭ ‬الصاروخية‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي،‭ ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬مارس‭ ‬2019م،‭ ‬أطلقت‭ ‬الهند‭ ‬صاروخًا‭ ‬مضادًا‭ ‬للأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬على‭ ‬خطى‭ ‬إطلاق‭ ‬الصين‭ ‬ذلك‭ ‬عام‭ ‬2007م،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أقلق‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬وبخاصة‭ ‬مع‭ ‬إمكانية‭ ‬انتقال‭ ‬عمل‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬العسكرية‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬الاستخباراتي،‭ ‬وجمع‭  ‬المعلومات‭ ‬إلى‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬المادي‭ ‬الحربي،‭ ‬وتشير‭ ‬التقديرات‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تطوير‭ ‬تقنيات‭ ‬تسليح‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬سيتم‭ ‬بحلول‭ ‬العام‭ ‬2030م‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬ظهور‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬تحويل‭ ‬الفضاء‭ ‬كمنصة‭ ‬لإطلاق‭ ‬النيران‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المخاوف‭ ‬بشأن‭ ‬ذلك‭ ‬تتصاعد،‭ ‬ويرجع‭ ‬ذلك‭ ‬للأسباب‭ ‬التالية‭:‬‭(‬12‭)‬

1‭. ‬لكون‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭ ‬مرفق‭ ‬دولي‭ ‬مشاع‭ ‬للاستخدام‭ ‬لكافة‭ ‬الفاعلين‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬غيرهم‭. ‬

2‭. ‬زيادة‭ ‬التوجه‭ ‬لدى‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬القوة‭ ‬الفضائية‭ ‬لإقامة‭ ‬قواعد‭ ‬ثابتة‭ ‬على‭ ‬القمر‭.‬

3‭. ‬التطور‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الصواريخ‭ ‬الباليستية‭ ‬العابرة‭ ‬للقارات،‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحمل‭ ‬رؤوس‭ ‬نووية‭. ‬

4‭. ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬قدرات‭ ‬كبرى‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الفضائية‭ ‬ضد‭ ‬الهجمات‭ ‬المحتملة،‭ ‬مثل‭ ‬موقف‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هيمنتها‭.‬

5‭. ‬دخول‭ ‬لاعبين‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الاستخدامات‭ ‬الفضائية،‭ ‬وبخاصة‭ ‬الشركات‭ ‬الخاصة،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تخضع‭ ‬لالتزامات‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬المبرمة،‭ ‬مثل‭ ‬دور‭ ‬الشركات‭ ‬الأمريكية‭ ‬كشركة‭ (‬SpaceX‭) ‬أو‭ ‬شركة‭ (‬Virgin Orbit‭) ‬أو‭ ‬شركة‭ (‬Blue Origin‭).‬

إن‭ ‬حال‭ ‬اللايقين‭ ‬بمدى‭ ‬ما‭ ‬وصلت‭ ‬إليه‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬أبحاث‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬أسلحة‭ ‬فضائية‭ ‬يدفع‭ ‬البقية‭ ‬إلى‭ ‬الاستثمار‭ ‬فيها‭ ‬لتحقيق‭ ‬ردع‭ ‬مفترض‭ ‬ضد‭ ‬احتمال‭ ‬التعرض‭ ‬للهجمات‭.‬

أتاحت‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬الفضاء‭ ‬تنامي‭ ‬القدرات‭ ‬الذاتية‭ ‬للدول،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬صعبة‭ ‬الوصول‭ ‬نتيجة‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والمعرفة‭ ‬وتقليل‭ ‬التكلفة‭ ‬وسهولة‭ ‬الاستخدام‭.‬

القانون‭ ‬الدولي‭ ‬ومنع‭ ‬عسكرة‭ ‬الفضاء

من‭ ‬شأن‭ ‬حالة‭ ‬التصاعد‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬للاستخدامات‭ ‬العسكرية‭ ‬المتطورة‭ ‬للفضاء‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬عدم‭ ‬مواكبة‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬لتلك‭ ‬التطورات،‭ ‬أن‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬مفردات‭ ‬‮«‬الأمن‭ ‬الفضائي‮»‬‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬الأمن‭ ‬الجماعي‭ ‬الدولي‭.‬

ورغم‭ ‬وجود‭ ‬خمس‭ ‬اتفاقيات‭ ‬أممية‭ ‬تنظّم‭ ‬جانبًا‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬استخدام‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي،‭ ‬وأشهرها‭ ‬اتفاقية‭ ‬المبادئ‭ ‬الحاكمة‭ ‬لأنشطة‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬استكشاف‭ ‬واستخدام‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭ ‬التي‭ ‬دخلت‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬عام‭ ‬1967م؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬يفتقر‭ ‬لوجود‭ ‬أي‭ ‬اتفاقية‭ ‬عالمية‭ ‬ملزمة‭ ‬تحظر‭ ‬وضع‭ ‬الأسلحة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭. ‬

ففي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تدفع‭ ‬فيه‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬لتبني‭ ‬مبادئ‭ ‬وأعراف‭ ‬غير‭ ‬ملزمة‭ ‬لتشجيع‭ ‬السلوك‭ ‬المسؤول‭ ‬للدول‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭ (‬Responsible State Behavior‭)‬،‭ ‬تقوم‭ ‬دول،‭ ‬مثل‭: ‬روسيا‭ ‬والصين‭ ‬وحركة‭ ‬عدم‭ ‬الانحياز،‭ ‬بالدفع‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬صك‭ ‬قانوني‭ ‬مُلزِم‭ ‬يحرّم‭ ‬وضع‭ ‬الأسلحة‭ ‬في‭ ‬الفضاء،‭ ‬وذلك‭ ‬خشية‭ ‬من‭ ‬الفجوة‭ ‬التكنولوجية‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تحققها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ــ‭ ‬وهي‭ ‬قريبة‭ ‬جدًّا‭ ‬منها‭ ‬ــ‭ ‬أو‭ ‬أوروبا‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭.‬‭(‬13‭)‬

وتتمثل‭ ‬أهم‭ ‬وأحدث‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬في‭ ‬الآتي‭: ‬مشروع‭ ‬اتفاق‭ ‬روسي‭ ‬ــ‭ ‬صيني‭ ‬بشأن‭ ‬‮«‬منع‭ ‬نشر‭ ‬الأسلحة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‮»‬،‭ ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬2008م‭ ‬قدّمت‭ ‬كل‭ ‬من‭: ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬مشروع‭ ‬معاهدة‭ ‬إلى‭ ‬مؤتمر‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬بعنوان‭: ‬‮«‬معاهدة‭ ‬منع‭ ‬نشر‭ ‬الأسلحة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي،‭ ‬والتهديد‭ ‬باستخدام‭ ‬القوة‭ ‬أو‭ ‬استخدامها‭ ‬ضد‭ ‬الأجسام‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‮»‬‭ (‬PPWT‭)‬،‭ ‬ثم‭ ‬قدمتا‭ ‬نسخة‭ ‬جديدة‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2014م‭ ‬على‭ ‬أمل‭ ‬حشد‭ ‬الدعم‭ ‬الدولي‭ ‬المطلوب،‭ ‬وتؤكد‭ ‬المعاهدة‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬إخلاء‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭ ‬من‭ ‬الأسلحة،‭ ‬وتحدد‭ ‬المصطلحات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬مثل‭: ‬‮«‬الأسلحة‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬تقترح‭ ‬إنشاء‭ ‬بروتوكول‭ ‬إضافي‭ ‬لإنشاء‭ ‬‮«‬تدابير‭ ‬للتحقق‭ ‬من‭ ‬الامتثال‭ ‬للمعاهدة‮»‬،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تقديم‭ ‬مشروع‭ ‬الاتفاقية‭ ‬بشكل‭ ‬سنوي‭ ‬في‭ ‬جنيف؛‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬يلقى‭ ‬معارضة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يحول‭ ‬دون‭ ‬تحولها‭ ‬لاتفاقية‭ ‬إطارية‭ ‬ملزمة‭ ‬للجميع‭.‬‭(‬14‭)‬

‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬المبادئ‭ ‬الاسترشادية‭ ‬للأنشطة‭ ‬الفضائية‭ ‬المستدامة‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد،‭ ‬حيث‭ ‬قامت‭ ‬لجنة‭ ‬الاستخدامات‭ ‬السلمية‭ ‬للفضاء‭ ‬الخارجي‭ (‬COPUOS‭) ‬التابعة‭ ‬لمكتب‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للفضاء‭ ‬الخارجي‭ (‬UNOOSA‭) ‬في‭ ‬فيينا،‭ ‬بصياغة‭ ‬ما‭ ‬يُعرف‭ ‬بـ«المبادئ‭ ‬الاسترشادية‭ ‬للأنشطة‭ ‬الفضائية‭ ‬المستدامة‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‮»‬‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018م،‭ ‬والتي‭ ‬تقوم‭ ‬بوضع‭ ‬القواعد‭ ‬العامة‭ ‬للاستخدامات‭ ‬السلمية‭ ‬للفضاء‭ ‬ووصول‭ ‬كافة‭ ‬الدول‭ ‬إلى‭ ‬مصادر‭ ‬النفع‭ ‬المشترك‭ ‬به،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تشجيع‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬للوثيقة،‭ ‬فإنها‭ ‬تبقى‭ ‬وثيقة‭ ‬استرشادية‭ ‬غير‭ ‬ملزمة،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬كونها‭ ‬تناقَش‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬اللجنة‭ ‬الرابعة‭ ‬للجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬التي‭ ‬تناقش‭ ‬المسائل‭ ‬السياسية‭ ‬الخاصة،‭ ‬وليس‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬اللجنة‭ ‬الأولى‭ ‬المعنية‭ ‬بمسائل‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬ونزع‭ ‬السلاح،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعد‭ ‬تفريغًا‭ ‬لسباق‭ ‬التسلح‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬من‭ ‬مضمونه‭.‬‭(‬15‭)‬

كما‭ ‬توصلت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬معاهدة‭ ‬ستارت‭ ‬الجديدة‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬التي‭ ‬وقّعها‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الرئيسين‭: ‬‮«‬أوباما‮»‬‭ ‬و«مدفيديف‮»‬،‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2010م،‭ ‬في‭ ‬براغ،‭ ‬التي‭ ‬تنص‭ ‬على‭ ‬تخفيض‭ ‬الحدود‭ ‬القصوى‭ ‬للرؤوس‭ ‬الحربية‭ ‬الهجومية‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للبلدين‭ ‬بنسبة30‭%‬،‭ ‬وكذلك‭ ‬الحدود‭ ‬القصوى‭ ‬لآليات‭ ‬الإطلاق‭ ‬الاستراتيجية‭ (‬بما‭ ‬فيها‭ ‬المخصصة‭ ‬لاستهداف‭ ‬أهداف‭ ‬فضائية‭) ‬بنسبة‭ ‬50‭% ‬مقارنةً‭ ‬بالمعاهدات‭ ‬السابقة،‭ ‬وبرغم‭ ‬سريان‭ ‬هذا‭ ‬الاتفاق،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يضمن‭ ‬عدم‭ ‬قيام‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬بتطوير‭ ‬قدرات‭ ‬صاروخية‭ ‬باليستية‭ ‬قد‭ ‬تُستخدم‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬في‭ ‬المدى‭ ‬المنظور،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬توجه‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ (‬ترامب‭) ‬للانسحاب‭ ‬من‭ ‬اتفاقيات‭ ‬ضبط‭ ‬التسلح‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬حكمه‭ (‬وآخرها‭ ‬الانسحاب‭ ‬من‭ ‬اتفاقية‭ ‬الأجواء‭ ‬المفتوحة‭ ‬في‭ ‬مايو‭ ‬2020م‭) ‬قد‭ ‬يُنذر‭ ‬بعدم‭ ‬تمديد‭ ‬الاتفاق‭ ‬المُشار‭ ‬إليه‭.‬

مستقبل‭ ‬عسكرة‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي

دفعت‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬تكنولوجيا‭ ‬الفضاء‭ ‬أصبحت‭ ‬في‭ ‬متناول‭ ‬الجميع،‭ ‬إلى‭ ‬اتساع‭ ‬مستمر‭ ‬في‭ ‬قدرات‭ ‬واستخدامات‭ ‬الدول،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يفرض‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬الدولي‭ ‬وأهمية‭ ‬ترشيد‭ ‬الاستخدام‭ ‬لمواجهة‭ ‬الأخطار‭ ‬ذات‭ ‬الطبيعة‭ ‬العالمية،‭ ‬وتحديد‭ ‬كيفية‭ ‬تنظيم‭ ‬الاستخدام‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬والشركات‭ ‬الخاصة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬وبخاصة‭ ‬مع‭ ‬انتقال‭ ‬الشركات‭ ‬من‭ ‬مرحلة‭ ‬تقديم‭  ‬المنتجات‭ ‬والخدمات‭ ‬الفضائية‭ ‬إلى‭ ‬القيام‭ ‬بالاستكشاف‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وراء‭ ‬مدار‭ ‬الأرض‭ ‬المنخفض‭ ‬بموافقة‭ ‬الدولة،‭ ‬وأصبحت‭ ‬تتطلع‭ ‬تلك‭ ‬الشركات‭ ‬إلى‭  ‬تجاوز‭ ‬مدار‭ ‬الأرض،‭ ‬وهو‭ ‬التطور‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الفضاء‭ ‬لصالح‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬في‭ ‬ظل‭  ‬اختلاف‭ ‬الدافع‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬الطابع‭ ‬السياسي‭ ‬والآخر‭ ‬التجاري‭.‬

وتواجه‭ ‬عملية‭ ‬التحكم‭ ‬أو‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬سابق‭ ‬التسلح‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬بتحديات‭ ‬ترتبط‭ ‬باختلاف‭ ‬طبيعته‭ ‬عن‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬المجالات‭ ‬الدولية‭ ‬الأخرى،‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬إخضاعها‭ ‬للسيطرة‭ ‬المادية‭ ‬وسهولة‭ ‬المراقبة‭ ‬والتفتيش،‭ ‬وصعوبات‭ ‬تتعلق‭ ‬بكون‭ ‬الفضاء‭ ‬مشاعًا‭ ‬ولا‭ ‬يستطيع‭ ‬أحد‭ ‬ادعاء‭ ‬تملكه‭ ‬أو‭ ‬ممارسة‭ ‬سيادة‭ ‬الدولة‭ ‬عليه،‭ ‬وتعاني‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬من‭ ‬نقطة‭ ‬ضعف‭ ‬استراتيجية‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬هيمنتها،‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬امتلاكها‭ ‬منصات‭ ‬لحماية‭ ‬أقمارها‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬اعتداء‭ ‬أو‭ ‬هجوم‭ ‬يكون‭ ‬مصدره‭ ‬الفضاء،‭ ‬وتحاول‭ ‬منع‭ ‬محاولة‭ ‬إعاقة‭ ‬أنشطتها‭ ‬الفضائية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭.‬

ويفرض‭ ‬امتلاك‭ ‬دول‭ ‬لأسلحة‭ ‬فضائية‭ ‬أن‭ ‬يعرض‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬تمتلك‭ ‬‮«‬بنية‭ ‬فضائية‮»‬‭ ‬لخطر‭ ‬الهجوم،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬تصبح‭ ‬هدفًا‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬النزاع‭ ‬المسلح‭ ‬‮«‬على‭ ‬الأرض‮»‬،‭ ‬واحتمال‭ ‬تجاوز‭ ‬تأثير‭ ‬ذلك‭ ‬طرفي‭ ‬أو‭ ‬أطراف‭ ‬الصراع‭ ‬المفترضين‭ ‬لتصيب‭  ‬كافة‭ ‬أنظمة‭ ‬البنية‭ ‬الفضائية‭ ‬المدنية‭ ‬الكونية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬له‭ ‬تداعيات‭ ‬مختلفة‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬قاطبة،‭ ‬ويأتي‭ ‬هذا‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬تطور‭ ‬الفكر‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬العالمي‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يستطيع‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬مائة‭ ‬كيلو‭ ‬في‭ ‬محيط‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬القمر‭  ‬يمكنه‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬،‭ ‬وبخاصة‭ ‬مع‭ ‬دخول‭ ‬دول‭ ‬جديدة‭ ‬النادي‭ ‬الفضائي‭ ‬الدولي،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيعمل‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬على‭ ‬صعوبة‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬السلوك‭ ‬الدولي‭ ‬ويكسر‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬احتكار‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭ ‬التقليدية‭ ‬له،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يدفع‭ ‬لأهمية‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الاستخدام‭ ‬السلمي‭ ‬للفضاء‭ ‬في‭ ‬ظل‭  ‬فوضي‭ ‬الاستخدام‭ ‬وعدم‭ ‬تطبيق‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭.‬‭(‬16‭)  ‭ ‬

وأهمية‭ ‬التوصل‭ ‬لمعاهدات‭ ‬لمنع‭ ‬مضادات‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية،‭ ‬والأسلحة‭ ‬المنشورة‭ ‬في‭ ‬الفضاء،‭ ‬وضمها‭ ‬إلى‭ ‬اتفاقيات‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬التسلح،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الإجراءات‭ ‬الطوعية‭ ‬لبناء‭ ‬الشفافية‭ ‬والثقة‭ ‬المتبادلتين،‭ ‬وتفعيل‭ ‬اتفاقية‭ ‬عام‭ ‬1976م،‭ ‬وتعزيز‭ ‬دور‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والمجتمع‭ ‬المدني‭ ‬العالمي‭ ‬والرأي‭ ‬العام‭ ‬والإعلام‭ ‬لفرض‭ ‬قيود‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬ذلك‭ ‬التطور‭ ‬المدمر‭ ‬لأمن‭ ‬واستقرار‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭.‬

وترسيخ‭ ‬قواعد‭ ‬لحماية‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬القصف‭ ‬أو‭ ‬التدمير،‭ ‬ومواجهة‭ ‬الأخطار‭ ‬الكونية،‭ ‬مثل‭ ‬التغير‭ ‬المناخي‭ ‬والمخلفات‭ ‬الفضائية،‭ ‬ومواجهة‭ ‬تحدي‭ ‬تحول‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬القمر‭ ‬أو‭ ‬استكشاف‭ ‬الكواكب‭ ‬خارج‭ ‬المجموعة‭ ‬الشمسية‭ ‬إلى‭ ‬مجال‭ ‬لممارسة‭ ‬الهيمنة‭ ‬والسيطرة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬الدول‭ ‬الكبرى‭. ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتطلب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الفضاء‭ ‬مجالًا‭ ‬للتعاون‭ ‬والتكامل،‭ ‬وترسيخ‭ ‬اعتباره‭ ‬مرفقًا‭ ‬دوليًا‭ ‬وتراثًا‭ ‬مشتركًا‭ ‬للإنسانية‭.‬

وإلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬هناك‭ ‬قضية‭ ‬رئيسة‭ ‬تلقي‭ ‬بظلالها‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي،‭ ‬فقد‭ ‬اتضح‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬تلويث‭ ‬كوكبنا،‭ ‬نحن‭ ‬الآن‭ ‬نلوث‭ ‬الفضاء،‭ ‬فالآلاف‭ ‬من‭ ‬قطع‭ ‬الحطام‭ ‬من‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬المعطلة‭ ‬والمعززات‭ ‬الصاروخية‭ ‬واختبارات‭ ‬الأسلحة‭ ‬التي‭ ‬أطلقت‭ ‬على‭ ‬مر‭ ‬العقود‭ ‬عالقة‭ ‬في‭ ‬المدار،‭ ‬مما‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬حدوث‭ ‬فوضى‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تصطدم‭ ‬بالأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬النشطة‭ ‬التي‭ ‬نحتاجها‭ ‬لمراقبة‭ ‬الأرض‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬أيضًا‭ ‬إطلاقها‭ ‬للمواد‭ ‬الكيميائية‭ ‬الضارة‭ ‬في‭ ‬الغلاف‭ ‬الجوي،‭ ‬لأنها‭ ‬تحترق‭ ‬عند‭ ‬العودة،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬استنفاد‭ ‬طبقة‭ ‬الأوزون،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬احتمال‭ ‬خلق‭ ‬مشاكل‭ ‬لعمليات‭ ‬الإطلاق‭ ‬المستقبلية‭ ‬واستكشاف‭ ‬الفضاء‭.‬‭(‬17‭)‬

‭ ‬وتأتي‭ ‬معظم‭ ‬النفايات‭ ‬الفضائية‭ ‬من‭ ‬ثلاث‭ ‬دول‭: ‬روسيا‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭. ‬

في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2022م،‭ ‬فجرت‭ ‬روسيا‭ ‬أحد‭ ‬أقمارها‭ ‬الاصطناعية‭ ‬القديمة‭ ‬باستخدام‭ ‬سلاح‭ ‬مضاد‭ ‬للأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ (‬ASAT‭)‬،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬إرسال‭ ‬آلاف‭ ‬القطع‭ ‬من‭ ‬الحطام‭ ‬إلى‭ ‬المدار،‭ ‬وتقدر‭ ‬مؤسسة‭ ‬العالم‭ ‬الآمن‭ (‬Secure World Foundation‭) ‬أنه‭ ‬تم‭ ‬إجراء‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ (‬16‭) ‬اختبارًا‭ ‬للأسلحة‭ ‬المضادة‭ ‬للسوائل‭ ‬لإنشاء‭ ‬الحطام‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬ويأتي‭ ‬أكثرها‭ ‬ضررًا‭ ‬ما‭ ‬نفذته‭ ‬الصين‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2007م،‭ ‬حيث‭ ‬أسقطت‭ ‬أحد‭ ‬أقمارها‭ ‬الاصطناعية،‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يقدر‭ ‬بنحو‭ (‬3000‭) ‬قطعة‭ ‬من‭ ‬الحطام،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬أنشأت‭ ‬أول‭ ‬اختبار‭ (‬ASAT‭)‬،‭ ‬في‭ ‬الخمسينيات‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬ووفقًا‭ ‬لـ‭(‬Data Center Dynamics‭)‬،‭ ‬أجرت‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬منذ‭ ‬ذلك‭ ‬الحين‭ ‬ثلاثة‭ ‬اختبارات‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬لإنشاء‭ ‬حطام‭ (‬ASAT‭)‬؛‭ ‬اثنان‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الثمانينيات‭ ‬وواحد‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2008م‭.‬

ووفقًا‭ ‬لمنظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتنمية،‭ ‬تواجه‭ ‬إزالة‭ ‬الحطام‭ ‬النشطة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬‮«‬التحديات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬والجيوسياسية‭ ‬والاقتصادية‮»‬،‭ ‬ويُعد‭ ‬تصنيع‭ ‬وإطلاق‭ ‬مركبات‭ ‬إزالة‭ ‬الحطام‭ ‬أمرًا‭ ‬مكلفًا،‭ ‬وإذا‭ ‬حدث‭ ‬خطأ،‭ ‬فهناك‭ ‬خطر‭ ‬خلق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الحطام،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬يشرح‭ ‬محللو‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬والتنمية‭ ‬في‭ ‬الميدان‭ ‬الاقتصادي‭: ‬‮«‬استرجاع‭ ‬الحطام‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يشمل‭ ‬مشاركة‭ ‬البيانات‭ ‬التي‭ ‬يحتمل‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬حساسة‭ ‬حول‭ ‬تصميم‭ ‬جسم‭ ‬الحطام‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تشمل‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬والسياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬والملكية‭ ‬الفكرية،‭ ‬لذلك،‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الواقعية‭ ‬ستقتصر‭ ‬البلدان‭ ‬على‭ ‬إزالة‭ ‬حطام‭ ‬الأقمار‭ ‬الاصطناعية‭ ‬أو‭ ‬تلك‭ ‬الخاصة‭ ‬بالحلفاء‭ ‬العسكريين‭ ‬المقربين‭ ‬لها‮»‬‭.‬

الخاتمة

أضحى‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭ ‬مسرحًا‭ ‬لمنافسة‭ ‬القوى‭ ‬الفضائية‭ ‬الكبرى،‭ ‬وأضحت‭ ‬عسكرته‭ ‬أمرًا‭ ‬واقعًا‭ ‬يؤجج‭ ‬احتمالات‭ ‬الصراع‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬البشرية‭ ‬جمعاء،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تنامي‭ ‬المشاعر‭ ‬العدائية،‭ ‬وتبني‭ ‬السيناريو‭ ‬الأسوأ‭ ‬لا‭ ‬التعايش‭ ‬السلمي‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬مضاد‭ ‬لما‭ ‬تنص‭ ‬عليه‭ ‬معاهدة‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭.‬

وبينما‭ ‬تنشد‭ ‬القوى‭ ‬الفضائية‭ ‬الكبرى‭ ‬على‭ ‬قمة‭ ‬التسلسل‭ ‬الهرمي‭ ‬التكنولوجي‭ ‬أكثر‭ ‬الأساليب‭ ‬عدوانية‭ ‬لتسليح‭ ‬الفضاء‭ ‬سعيًا‭ ‬وراء‭ ‬السيادة‭ (‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والصين‭) ‬أو‭ ‬التكافؤ‭ ‬الاستراتيجي‭ (‬روسيا‭)‬،‭ ‬تتباين‭ ‬مصالح‭ ‬القوى‭ ‬المتوسطة‭ ‬بين‭ ‬الرغبة‭ ‬في‭ ‬قيادة‭ ‬خطاب‭ ‬معياري‭ ‬وأمني‭ ‬جديد‭ (‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭)‬،‭ ‬والتحول‭ ‬إلى‭ ‬قوة‭ ‬إقليمية‭ (‬الهند‭) ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تعزيز‭ ‬التحالف‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ (‬اليابان‭).‬

المصادر

‭ ‬‭ ‬1-John Pike‭, ‬Essay 3‭. ‬The Paradox of Space Weapons‭, ‬Military Spending and Armaments‭, ‬Stockholm International Peace Research Institute‭, ‬2002‭, ‬p‭. ‬435‭. ‬https‭://‬cutt.us/WSS7Z‭ ‬

‭ ‬2‭ – ‬Richard S‭. ‬Stapp‭, ‬Space Dominance Can The Air Force Control Space‭?, ‬A Research Paper Presented To The Research Department Air Command and Staff College In Partial Fulfillment of the Graduation Requirements of ACSC‭, ‬Air Command and Staff Coll Maxwell AFB AL‭, ‬March 1997‭, ‬pp‭. ‬14-15‭. ‬https‭://‬cutt.us/G5xWA‭ ‬

‭ ‬3‭ – ‬Katharina Buchholz‭, ‬The Countries with the Most Satellites in Space‭, ‬Statista‭, ‬Jul 14‭, ‬2020‭. ‬https‭://‬cutt.us/CbadA‭ ‬

‭ ‬4‭ – ‬Anna Fleck‭, ‬The U.S‭. ‬and China Lead The Space Race 2.0‭, ‬statista‭, ‬Nov 7‭, ‬2022‭, ‬https‭://‬www.statista.com/chart/28667‭/‬countries-are-leading-the-space-race-20‭/‬

5‭ – ‬Florian Zandt‭, ‬SpaceX Doubles Number of Rocket Launches‭, ‬statista‭, ‬Mar 1‭, ‬2023‭. ‬https‭://‬cutt.us/L4aAb‭ ‬

  ‬6‭ – ‬تعتبر‭ ‬SpaceX‭ ‬حالياً‭ ‬الشركة‭ ‬الرائدة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬عدد‭ ‬عمليات‭ ‬إطلاق‭ ‬المركبات‭ ‬الفضائية‭. ‬تشتهر‭ ‬الشركة‭ ‬بعدد‭ ‬من‭ ‬المشاريع‭ ‬،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬توفير‭ ‬رحلات‭ ‬إمداد‭ ‬إلى‭ ‬محطة‭ ‬الفضاء‭ ‬الدولية‭ (‬ISS‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬رست‭ ‬أول‭ ‬رحلة‭ ‬مأهولة‭ ‬هناك‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬مايو‭ ‬2020‭. ‬سبيس‭ ‬إكس‭ ‬هي‭ ‬أيضًا‭ ‬رائدة‭ ‬أقمار‭ ‬ستارلينك‭ ‬الصناعية‭ ‬،‭ ‬والتي‭ ‬تعتبر‭ ‬منخفضة‭ ‬تهدف‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬المدارية‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬الإنترنت‭ ‬عريض‭ ‬النطاق‭ ‬للمجتمعات‭ ‬التي‭ ‬لديها‭ ‬اتصال‭ ‬ضئيل‭ ‬أو‭ ‬معدوم‭. ‬اعتبارًا‭ ‬من‭ ‬أغسطس‭ ‬2022‭ ‬،‭ ‬دار‭ ‬حوالي‭ ‬2800‭ ‬من‭ ‬الأقمار‭ ‬الصناعية‭ ‬Starlink‭ ‬التابعة‭ ‬لشركة‭ ‬SpaceX‭ ‬حول‭ ‬الأرض‭. ‬ومن‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬يرتفع‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬إلى‭ ‬12000‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬القادمة‭. ‬أنظر‭: ‬Anna Fleck‭, ‬The U.S‭. ‬and China Lead The Space Race 2.0‭, ‬statista‭, ‬Nov 7‭, ‬2022‭, ‬https‭://‬cutt.us/kXAih‭ ‬

‭ ‬7‭ – ‬Florian Zandt‭, ‬SpaceX Doubles Number of Rocket Launches‭, ‬statista‭, ‬Mar 1‭, ‬2023‭. ‬https‭://‬cutt.us/qQJTJ‭ ‬

‭ ‬8‭ – ‬محمد‭ ‬أبو‭ ‬سعده،‭ ‬عسكرة‭ ‬الفضاء‭ ‬ـ‭ ‬سباق‭ ‬تسلح‭ ‬أم‭ ‬جولة‭ ‬صراع؟،‭ ‬المعهد‭ ‬المصري‭ ‬للدراسات،‭ ‬24‭ ‬يناير‭ ‬2020‭.‬

9‭  – ‬Johnny Wood‭, ‬The countries with the most satellites in space‭, ‬World Economic Forum‭, ‬Mar 4‭, ‬2019‭. ‬https‭://‬cutt.us/gfnyg‭ ‬

  – ‬ميشال‭ ‬أبو‭ ‬نجم،‭ ‬التنافس‭ ‬الأميركي‭ ‬ـ‭ ‬الصيني‭ ‬للهيمنة‭ ‬على‭ ‬العالم،‭ ‬صحيفة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬26‭ ‬مايو‭ ‬2020‭.‬

‭ ‬10‭ – ‬James A‭. ‬Lewis‭, ‬Space Exploration in a Changing International Environment‭ (‬Washington‭: ‬The CSIS Strategic Technologies Program‭, ‬July 2014‭).‬

‭ ‬11‭ – ‬رغدة‭ ‬محمود‭ ‬البهي،‭ ‬عسكرة‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭: ‬رؤية‭ ‬تحليلية،‭ ‬مجلة‭ ‬كلية‭ ‬السياسة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬العدد‭ ‬السادس‭ ‬عشر‭ (‬القاهرة‭: ‬أكتوبر‭ ‬2022‭)‬،‭ ‬ص‭ ‬461‭-‬462‭.‬

12‭ – ‬د‭. ‬يوسف‭ ‬داوود،‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬التوصل‭ ‬لآليات‭ ‬دولية‭ ‬للتسلح‭ ‬الفضائي؟،‭ ‬مركز‭ ‬المستقبل‭ ‬للأبحاث‭ ‬والدراسات‭ ‬المتقدمة،‭ ‬24‭ ‬سبتمبر،‭ ‬2020‭. ‬https‭://‬cutt.us/af6aL‭ ‬

‭ ‬13‭ – ‬نفس‭ ‬المرجع‭ ‬السابق‭. ‬

14‭ – ‬نفس‭ ‬المرجع‭ ‬السابق‭. ‬

15‭ – ‬رغدة‭ ‬محمود‭ ‬البهي،‭ ‬عسكرة‭ ‬الفضاء‭ ‬الخارجي‭: ‬رؤية‭ ‬تحليلية،‭ ‬مجلة‭ ‬كلية‭ ‬السياسة‭ ‬والاقتصاد‭ ‬العدد‭ ‬السادس‭ ‬عشر‭ (‬القاهرة‭: ‬أكتوبر‭ ‬2022‭)‬،‭ ‬ص‭ ‬461‭-‬462‭.‬

16‭  – ‬Dan Swinhoe‭, ‬US announces self-imposed ban on debris-creating ASAT tests‭, ‬Data Center Dynamics‭, ‬April 19‭, ‬2022‭. ‬https‭://‬cutt.us/Tos2c‭ ‬

17‭  – ‬Ibid‭.‬